أضع يديّ في جيبي معطفي وأشدهما على جسدي متمسكاً به علّني اتقي زمهرير الغربة الموحشة...
الشال الملفوف حول عنقي بالكاد يقيني سيوف الريح الباردة لتلك الساعة من الليل...
أخترت... رغماً عني، أن أسير على قدميّ عائداً لمعتكفي...
تلك الغرفة التي أسكنها أكثر مما تسكنني، ريثما تأخذني رياح عابري السبيل في رحلة أخرى...
أطلقت عقال خطواتي المتوحدة كي تعود بي، فقد باتت تعرف الوصول لوحدها...
على رصيف ذاك الليل كان البرد الأقسى هو الذي تنفثه لواعج شوقي ليد تمسح على صدري فتبرئه من حيرته ووحدته...
ملامح الأشجار التي اختارت السبات بعد أن تخلت عن زينتها، تشق بأغصانها الداكنة، الزرقة الرمادية الملطخة بالغيوم لسماء لم تكن تعد إلا بالمزيد من تقلب الأبصار.
كل البلاد مشرعة أبوابها لك...
ما عدا تلك التي تسكنك وتحن للرجوع إليها، علّ روحك تسكن فيها...
لكنك تذكر بتردد كيف أن روحك ما سكنت فيها...
فتشد سيور خيالك الجامحة مخافة أن يهلكها السراب...
ثم يبتلعك السراب...
ترى... كم من المسافات علينا أن نبتعد... كي نجد أنفسنا...
كم من المخاضات ستهصرنا...
كم فراقاً سيقتلعنا قبل اللقاء...
ترى...
وهم هي أم طيف أمل...
ترى...
هل تنام ملء جفنيها...
ترى...
.
.
.
ثم أسرق من مارسيل كلمات…
علها تحط على نافذتها:
بغيبتك نزل الشتي قومي طلعي عالبال
في فوق سجادة صلاة و اللي عم بيصلوا قلال
صوتهم مثل مصر المرة و بعلبك الرجال
عا كتر ما طلع العشب بيناتنا... بيرعى الغزال
.
وديت مع راعي حماه يشفلي الطقس شمال
قلي السنة جاي هوا بيوقع الخيال ويلي
ياريت لا سرجت الفرس... و لا بعتت هالمرسال
.
بيتي مثل ورقة احترق ما عاد عندي أهل
شبهتك بهالسهل
بقرص العسل عملوا عمهلو النحل
شبهتك بحالي
بالعمر ماشي وراكي يلملم خيالك
يلملم خيالك أااه يلملم خيالك
.
وجهك طقس متل الصحو دايخ ومش سكران
متل الشتي نازل على حزيران
وجهك طاف النيل غرق مصر
في مملكة عم تنسرق مفتوح باب القصر
.
وجهك من هون بيحدوا الشتي و من هون حدوا الثلج
شاعر حمل حالوا بها الموت حدوا الوهج
.
شبهتك بكل الدني من بعدك عليها السلام
بس تفرحي بيطير من صدري الحمام
بس تزعلي عا مصر باخدلك الشام
باخدلك الشام