Wednesday, December 27, 2006

اسألوا كيسنجر عن نظام بينوشيه


اسألوا كيسنجر عن نظام بينوشيه
إيمي غودمان
إلى العربية: همّام يوسف

عمود الرأي في صحيفة "سياتل إنتيليجينسير"
الخميس – 14 كانون الأول - 2006


بينما كان العالم يحتفل بيوم حقوق الإنسان العالمي، فارق الحياة أحد أكبر مستبدّي القرن سيئي الصيت، الجنرال أوغستو بينوشيه، وهو رهن الإعتقال المنزلي في التشيلي عن عمر يناهز الواحد والتسعين عاماً. وقد تركت فترة حكمه البالغة سبعة عشر عاما ندبا عميقا في ذاكرة المجتمع التشيلي. ومع ذلك حوى إرث بينوشيه للمفارقة أمرا جيدا: فقد دفع نظامه والدعم الذي لقيه من الولايات المتحدة، إلى تحفيز الحركة العالمية لحقوق الإنسان في يومنا الحاضر.

في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، وبينما كانت الطائرات ترتطم ببرجي مركز التجارة العالمي، كنا على أثير البث اليومي لـ "ديموكراسي ناو" ننظر إلى العلاقة مابين الإرهاب وتاريخ الحادي عشر من سبتمبر لعام 1973! ففي ذلك اليوم تمت الإطاحة بالحكومة الديموقراطية المنتخبة للرئيس التشيلي "سلفادور أليندي" بانقلاب دموي، وتسلقت قوات بينوشيه قمة هرم السلطة. وفد تم الانقلاب بدعم من الحكومة الأمريكية. لخص هنري كيسنجر –مستشار الأمن القومي ووزير الدولة الأمريكي- هذه السياسة كالتالي:
"لا أستطيع أن أفهم لم علينا أن نقف جانبا ونراقب بلدا يتحول إلى الشيوعية بسبب لامسؤولية شعبه نفسه. الأمور على درجة من الأهمية للناخبين التشيليين، من أن تترك لهم ليقرروا بشأنها بأنفسهم."

وبينما كان بينوشيه يستولي على الحكم، كان من أوائل القتلى الرئيس نفسه... أليندي، من ثم تم اعتقال الآلاف. كان من بينهم فيكتور جارا، أسطورة الغناء الفولوكلوري التشيلي. جارا تعرض للضرب المبرح، التعذيب، ومن ثم أعدم ورميت جثته في أحد أزقة سانتياغو، لتجده زوجته في معرض الجثث.

تشارلز هورمان كان صحفيا أمريكيا ناشطا في التشيلي، هو أيضا اختفى أثره في تلك الأيام التي تلت الإنقلاب. ووجدت جثته مدفونة في جدار اسمنتي. تم تخليد قصته في فيلم كونستانتين كوستا غافاراس الحائز على الجائزة الأكاديمية، "المفقود." وقاضت زوجته جويسي هورمان، ليس فقط بينوشيه على مصرع زوجها، بل أيضا كيسنجر وآخرون من مكتب الدولة الأمريكية.

عهد بينوشيه الإرهابي امتد إلى ماوراء حدود التشيلي. ففي الحادي والعشرين من أيلول لعام 1976، قتل وزير الخارجية التشيلي السابق أورلاندو ليتيليير ومرافقه الأمريكي روني موفّت بسيارة مفخخة، ليس في التشيلي، بل في "إمباسي روو" في واشنطن دي سي.

أيضا هناك رئيسة التشيلي الحالية، ميشيل باتشيليت. والدها كان جنرالا عند أليندي و عارض الإنقلاب. فتم اعتقاله ومات بأزمة قلبية داخل السجن. أما هي وأمها فقد تم احتجازهما وتعذيبهما في "فيلا غريمالدي" السيئة الصيت، المكان السري للتعذيب في سانتياغو. باتشيليت وأمها نجتا وفرتا إلى المنفى. وقد أكملت عودتها إلى التشيلي وفوزها بمقعد الرئاسة عن التيار الإشتراكي دائرة التاريخ السياسي التشيلي. في تشرين الأول لعام 2006، عادت إلى "فيلا غريمالدي". وفي تشرين الثاني تم اتهام بينوشيه بخطف وتعذيب السجناء هناك، ووضع رهن الاعتقال المنزلي.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقبض فيها على بينوشيه. ففي عام 1998، أثناء زيارة علاجية إلى لندن، وضع رهن الاعتقال المنزلي بعد أن أصدر القاضي الإسباني بالتزار غارزون مذكرة لاعتقاله، بتهمة تعذيب وقتل حاملين للجنسية الإسبانية. وبعد ثمانية عشر شهرا، سمحت بريطانيا لبينوشيه بالعودة إلى التشيلي لأسباب صحية، متجنبا الترحيل إلى إسبانيا.

موت بينوشيه مكنّه من تجنب الإدانة. لكن كيسنجر، الذي يتم تأكيد دعمه لنظام بينوشيه بالوثائق يوما بعد يوم، مايزال على قيد الحياة ومايزال مثيرا لاهتمام أولئك الباحثين عن العدالة. وقد تم استدعاء كيسنجر للمساءلة من قبل القاضيين غارزون الاسباني و روجر لو لوار الفرنسي اللذين يحققان كلاهما في اختفاء ومقتل مواطنييهم في التشيلي. وفي الوقت الذي يتعرض له كيسنجر للأسئلة بشكل متكرر من وسائل الإعلام الأمريكية في هذا البلد، فهو نادرا ما يسأل حول سجله الشخصي. بدلا من ذلك يعامل كملكي!

تبقى الأسئلة حول نظام بينوشيه القمعي. وعلى الغالب يمتلك كيسنجر الكثير من الإجابات. وإن كان لنا أن نصل إلى مقياس موحد للعدل، فالإجابات يجب أن يطالب بها، من الخبراء المتأصلون في الإرهاب من مثل هنري كيسنجر!

No comments: