Tuesday, December 05, 2006

شعب الله المختار


من النورويجية إلى الإنكليزية: Sirroco
إلى العربية: همّام يوسف



يوستن غاردر "Jostein Gaarder" مؤلف الظاهرة الأدبية العالمية "عالم صوفي" التي طبع منها 26 مليون نسخة بـ 53 لغة، يطلق هجوما ناريا على إسرائيل في جريدة "آفتينبوستين" النرويجية ذات الشهرة. غاردر مؤرخ الأفكار يصف نفسه بالصديق الشعب اليهودي لكنه يشكك في كون إسرائيل في ذات الموقع. وغنيون عن القول أن هذا لن يظهر في نيويورك تايمز في القريب العاجل.

تستلهم إدانة غاردر شكلها من "آموس" نبي اليهود الأول الذي حفظت رسالته في اللفيفة (ca. 750 B.C) التي تنص: "الفكرة المركزية لكتاب آموس وفقاً لمعظم الباحثين هي أن يهوه [تسمية الإله عند اليهود] يضع شعبه على السوية نفسها مع الأمم المجاورة لهم-يهوه يتوقع الأخلاقيات نفسها منهم جميعاً".

شعب الله المختار
يوستن غاردر

لامجال للعودة، آن الوقت لتعلم درس جديد: نحن لانعترف بعد الآن بدولة إسرائيل. لم نكن لنعترف بنظام التفرقة العنصري لدولة جنوب إفريقيا، ولم نعترف بنظام طالبان الأفغاني. ومن ثم كان هناك العديد الذين لم يعترفوا بعراق صدام حسين أو بالتطهير العرقي الذي قام به الصرب. والآن علينا الاعتياد على الفكرة القائلة: دولة إسرائيل بصيغتها الحالية طواها التاريخ!

نحن لا نعتقد بفكرة أن لله شعباً مختاراً. نحن نضحك على خيالات هذا الشعب و نواحه على سوء ما قدمت يداه. والتصرف كشعب مختار من الله ليس فقط حمقا وعجرفة، بل جريمة ضد الإنسانية. نحن ندعوه عنصرية.

حدود للتسامح
هناك حدود لصبرنا، وهناك حدود لتحملنا. ونحن لا نؤمن بوعود إلهية كمبررات للاحتلال والفصل العنصري. نحن تركنا العصور الوسطى خلفنا. ونضحك كثيرا على أولئك الذين ما يزالون يؤمنون أن إله فلورا، فاونا، والمجرة؛ قد انتقى شعبا محدداً ومنحهم ألواحاً حجرية غريبة، و رخصة للقتل.
نحن ندعو قتلة الأطفال بـ "قتلة الأطفال" ولن نقبل مطلقاً أن هؤلاء يمتلكون تفويضا تاريخيا مقدسا يبرر جرائمهم. ولا نقول إلا الآتي: العار على الفصل العنصري جميعه، العار على التطهير العرقي، والعار على كل هجوم إرهابي يستهدف المدنيين، سواء قامت به حماس، حزب الله، أو دولة إسرائيل!

فن الحرب العديم الضمير
نحن مهتمون فعلا ونقر بمسؤولية أوربا الجذرية عن المحنة التي أصابت اليهود، عن المضايقات المشينة، المذابح الجماعية المنظمة، و المحرقة؛ وقد كانت ضرورة أخلاقية وتاريخية أن يحصل اليهود على وطن لهم. لكن، وذلك قد قيل، فقد قامت دولة إسرائيل، بفن حربها المنعدم الضمير وبأسلحتها المقززة، بسفك دم شرعيتها ذاتها. واستهزأت بشكل منهجي بالقانون الدولي، والأعراف الدولية، و بعدد لا حصر له من قرارات الأمم المتحدة، ولن يمكنها أن تتوقع الحماية من قبل جميع ما ذكر بعد الآن. فقد دمرت بقصفها السجادي اعتراف العالم بها. لا تخافوا بعد الآن، فوقت المحنة آنت نهايته. دولة إسرائيل دشنت "سويتو" خاصتها! [يقصد مدينة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا]

نحن الآن عند حافة اليم. لا إمكانية للتراجع بعد الآن. إسرائيل اغتصبت إعتراف العالم، ولن تحصل على السلام حتى تضع أسلحتها.

الأعزل.. بلا بَشرَه
عسى أن تطيح الروح والكلمة بجدران الفصل العنصرية في إسرائيل! دولة إسرائيل توقفت عن الوجود! إنها الآن من غير دفاعات، بلا بشره. وعسى أن يمنح العالم الرحمة لسكانها المدنيين. لأنه ليس على المدنيين ينصب وعيدنا!
ونتمنى لشعب إسرائيل الخير، لاشيء إلا الخير، لكننا نحتفظ بحقنا ألا نأكل برتقال "يافا" طالما بقي طعمه كريها وساما... قد كان باحتمالنا أن نعيش لسنوات من دون عنب العنصرية الأزرق.

يحتفلون بانتصاراتهم!
نحن لا نصدق أن إسرائيل تحزن لمقتل أربعين طفلا لبنانيا أكثر من نواحها -لأكثر من ثلاثة آلاف عام- على سنين التيه الأربعين في الصحراء! نحن ندَوّن.. أن الكثير من الإسرائيليين يحتفون بانتصارات كهذه، كما هللوا ذات يوم لقوارع الرب التي أنزلها بشعب مصر كـ "عقوبات مُستحَقة"! (في تلك الرواية، الرب، إله إسرائيل، يبدو كسادي لايكتفي). نحن نتساءل إن كان معظم الإسرائيليون يعتقدون أن روحا إسرائيلية واحدة تقابل أكثر من أربعين روحا لبنانية أو فلسطينية.
لأننا قد رأينا صورا لفتيات إسرائيليات صغيرات وهن يكتبن تحيات الحقد على القنابل التي ستلقى فوق المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين. الإسرائيليات الصغيرات لسن لطيفات عندما يتمايلن بابتهاج للموت والفجائع عبر الجبهات!

قصاص انتقام الدم
نحن لا نعترف بفصاحة إسرائيل. ولا نعترف بدوامة عقوبة الانتقام الدموي "العين بالعين والسن بالسن". نحن لا نقر مبدأ عين، أو ألف عين عربية مقابل عين إسرائيلية. نحن لا نقر العقوبات الجماعية ولا الجرعات السكانية الشاملة كأسلحة سياسية. ألفان من السنين مرت منذ انتقد ذاك "الكاهن اليهودي" القانون العتيق: "عين بعين وسن بسن"
هو قال: "اعملوا للآخرين كما تودون أن يعملوا لكم". نحن لا نعترف بدولة أسست على مبادئ معادية للإنسانية وعلى أنقاض دين ميت للحرب والقومية. أو كما عبر "ألبرت شفايتزر": الإنسانية تكمن في عدم التضحية بالإنسان لأجل مسعى ما"

رحمة وغفران
نحن لا نعترف بدولة داوود القديمة كأنموذج لخارطة الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين. وقد ادّعى "الكاهن اليهودي" منذ ألفين من السنين أن مملكة الرب ليست في الابتعاث المادي لمملكة داوود، لكن مملكة الرب تكمن فينا وفيما بيننا، مملكة الرب هي الغفران والرحمة.
ألفان من السنين مرت منذ أن نزع "الكاهن اليهودي" سلاح الخطاب الحربي العتيق وأنسنه. وحتى في زمنه ذاك كان أوائل الإرهابيون الصهاينة ينشطون.

إسرائيل لا تصغي
لألفين من السنين، تدربنا على مبادئ الإنسانية، لكن إسرائيل لا تصغي. لم يكن الفريسي من أعان الرجل المطروح جانب الطريق نهبا للصوص. قد كان سامرياً! وكنا لندعوه اليوم... فلسطينياً! لأننا وقبل أي شيء أناس –ومن ثم مسيحيون، مسلمون، أو يهود. أذ كما قال "الكاهن اليهودي": "وأن قدمت التحية لأخيك فقط، فبماذا تختلف عن الآخرين؟!" نحن لا نقبل اختطاف الجنود، ولكن أيضا لا نقبل الترحيل القسري للمجاميع من السكان، أو اختطاف برلمانيين منتخبون أو أعضاء حكومة و وزراء شرعيون!.
نحن نعترف بـ "دولة إسرائيل العام 1948" و ليس "دولة 1967". إنها إسرائيل ذاتها التي لا تعترف، تحترم، أو تركن لدولة إسرائيل الـ 48 المعترف بها عالميا. إسرائيل تريد المزيد، المزيد من المياه، المزيد من القرى. للحصول على هذا، هناك الذين يريدون –وبعون الرب- حلا نهائيا للمشكلة الفلسطينية. "الفلسطينيون لديهم العديد من البلدان الأخرى..." صرح سياسيون إسرائيليون، " ... نحن لدينا واحد فقط".

أمريكا أو العالم؟
أو كما يقولها الحامي الأكبرلإسرائيل: "عسى أن يستمر الرب بمباركة أمريكا". طفلة صغيرة انتبهت لذلك! التفتت لأمها قائلة: لم يقول الرئيس في خطبه دائما "ليبارك الرب امريكا" لم لا يقول "ليبارك الرب العالم؟".
ولكن كان هناك شاعر نرويجي ترك وراءه هذه التنهيدة الطفولية: "لم الإنسانية بهذا البطأ تتقدم". قد كان هو من كتب برهافة جميلة عن "اليهودي واليهودية". لكنه رفض المقولة بشعب الله المختار. وهو شخصيا كان يحب أن يدعو نفسه "محمديا".

الحلم و الرحمة
نحن لا نعترف بدولة إسرائيل. ليس اليوم، ليس في لحظات الكتابة هذه، ليس في أوقات الألم و الغضب. وإن كان على أمة إسرائيل بكاملها أن تتهاوى نتيجة لما صنعت يداها، وكان على جزء من سكانها الهرب من مناطق احتلوها إلى تيه جديد، فعندها نقول: عسى أن يظهر المحيطون بهم الحلم والرحمة. فقد كانت جريمة دوما وبلا مغفرة أن ترفع اليد على اللاجئين الفاقدين لدولة تحميهم.
السلام والمعبر الآمن للمدنيين الهاربين بلا دولة تحميهم. النار لا تطلقوها على المستجيرين! لا تصوبوا عليهم! إنهم شديدوا الهشاشة الآن كالحلزون من غير قوقعة، شديدوا الهشاشة كقوافل اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين البطيئة، من غير حام؛ كالنساء والأطفال والكهول في قانا، غزة، صبرا وشاتيلا.
أعطو اللاجئين الإسرائيليين المأوى، أعطوهم حليبا وعسلا. لاتدعوا طفلا إسرائيليا يحرم الحياة. فالكثرة من الأطفال والمدنيين قد قتلوا سلفاً.

No comments: